إن اللغة بوصفها البدائي هي الوسيلة التي يستطيع الشخص من خلالها التواصل و التفاعل مع المحيط ، بالطبع أنت بحاجة لفهم الآخرين ، و كذلك بحاجة لأن يستطيعوا فهمك بسهولة ، ومن هنا تأتي أهمية معرفتك بلغة محيطك .
إن عيشك في تركيا سيحتم عليك تعلم اللغة التي يتحدث بها السكان الأتراك هناك ، نعم من الضروري جداً تعلم اللغة التركية بوصفها لغة هامة إلى جانب ضرورة فهم اللغة المحكية في المكان الذي تعيش فيه ، و لكن هنا يجب علينا التنويه إلى نقطة مهمة و هي إلى أي مدى يتعين على كل شخص تعلم اللغة ، بمعنى آخر ، ماذا يحتاج كل شخص من اللغة ؟
إن أهمية تعلم اللغة تتفاوت من شخص إلى آخر ، فمثلاً ، يحتاج المتقاعد الذي يريد قضاء وقته في تركيا إلى تعلم ما يساعده من اللغة من أجل العلاقات الاجتماعية فقط ، و لكن المستثمر الذي يرغب بالقيام بأعمال و استثمارات ، فإنه معرض في أي وقت للسرقة أو الاحتيال في حال جهله باللغة ، لذلك فهو بحاجة إلى تعلم المزيد عنها .
بالنسبة للأشخاص الذين يقضون العطلة في تركيا فإنهم يعتبرون أن الموظفين في الفنادق و المطاعم و جميع الأماكن التي سيرتادونها يجيدون التحدث باللغة الإنكليزية ، و لكن الأمر ليس بذلك البساطة فيما يتعلق بالمقيمين الذين سيعيشون هنا ، و بما أن تركيا تعد واحدة من أكثر البلدان ملاءمة لعيش المغتربين ، فإننا كثيراً ما نواجه تساؤلات من أولئك الراغبين في شراء عقارات و المقدمين على العيش هنا حول كيفية تأثير اللغة على حياتهم اليومية ، و هو أمر هام بالطبع و يجب عدم التغافل عنه .
فمثلاً عند التفكير في الاحتياجات المنزلية الضرورية كدفع الفواتير ، و أمور الصيانة ، إلى جانب المشكلات المجتمعية المحتملة في حال اشتريت شقة ضمن مجمع من الشقق ، ستواجه بكل تأكيد خلال كل هذه المواقف شخصاً على الأقل لا يستطيع التحدث بالإنكليزية .
لم نأتِ على ذكر القضايا الأكثر أهمية بعد ، كالتواصل مع الإسعاف للحصول على الرعاية الصحية العاجلة في حالة وقوع حادث مثلاً ، أو في حال المرض ، و كذلك التواصل مع الشرطة في حال تعرضك لحادث سيارة ، أو في حال كنت ضحية جريمة ما .
لسوء الحظ ، يؤكد الخبراء أن أفضل وقت لتعلم لغة ما هو الطفولة ، و تعلم البالغين لغة ما يعد أمراً صعباً حيث سيعاني الدماغ من صعوبات في الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة .
و لكن ، هل يمكنك العيش في تركيا دون التحدث باللغة التركية ؟
في الواقع كما سبق و ذكرنا إذا كنت ستستقر في أحد المنتجعات السياحية حيث تجد الكثيرين من السكان المحليين يجيدون اللغة الإنجليزية ، تستطيع وقتها أن تتدبر أمورك دون التحدث باللغة التركية .
حدَّثنا الكثير من المغتربين أنهم عندما يحاولون التحدث باللغة ، فإن أصدقائهم وجيرانهم الأتراك يريدون التحدث باللغة الإنكليزية وتعلمها.
أثناء التعامل مع الروتين الحكومي أو في التعاملات الرسمية مثل توصيلات المياه والكهرباء ، فإن العديد من الوافدين يستخدمون خدمات شركة إدارة ، و يكون لديهم صداقات مع السكان المحليين الذين يترجمون لهم.
و لكن في حال كنت ستعيش في منطقة غير سياحية و لا تكثر فيها الأعمال التجارية الدولية ، فمن المحتمل أن تواجه مشاكل .
و علينا هنا التنويه إلى أن علماء النفس يقولون أن التفاعل الاجتماعي والمشاركة جزء مهم من إدارة عواطفنا ومشاعرنا وتدريب تفكيرنا ، و قد يكون للعزلة أو عدم القدرة على التحدث مع المحيطين بك كالجيران تأثير على أخلاقك على المدى الطويل .
و هنا يأتي السؤال ، هل يجب أن تحاول تعلم اللغة ؟
بالرغم من أن الخبراء يقولون أن القدرة على تعلم اللغات تتراجع مع التقدم في السن ، إلا أنه يجب عليك عدم التأثر بهذا الكلام ، إذ أنك قد تصادف أشخاصاً قد تعلموا لغة جديدة و في سن متقدمة و بكل نجاح ، لذلك و على الأقل عليك تعلم كلمات بسيطة مثل التحيات المهذبة ، و التي كثيراً ما تُستخدم في الحياة اليومية في تركيا ، إضافة إلى كلمات أخرى تخص التسوق و العناصر التي يتم شراؤها دائماً كاللحوم والحليب والخبز و الخضروات .
و في الوقت الذي تكون فيه عاجز عن تجميع جملة صحيحة ، فإن الأتراك ينظرون إلى محاولتك لفعل ذلك بشكل إيجابي .
في الواقع ، لغتي التركية في أحسن الأحوال تعد متوسطة ، وفي بعض المواقف ، القواعد التي أعرفها و أستخدمها قد تجعل طفل في المدرسة يبتسم ، إلا أنني بها أستطيع تجاوز الكثير من المواقف اليومية لصالحي.
إذن ما هي أفضل طريقة لتعلم اللغة التركية؟
في كثير من البلدات و المدن التي استقر فيها المغتربون بشكل جماعي ، تُنشئ البلديات دورات لغة تركية مجانية متخصصة في المهارات اللغوية للمبتدئين ، كما يتم توفير الكتب مجاناً ، بوجود مدرس من أجل المساعدة في النطق و المفردات ، و يمكن الاستعلام عن التفاصيل و التواريخ من البلدية .
كما توجد حيلة يستخدمها العديد من المغتربين و هي تعلم كلمة واحدة من اللغة كل يوم ، قد لا يبدو هذا مثمراً في البداية إلا أنهم و في نهاية عام واحد قد تعلموا 365 كلمة ، و تعتمد هذه الطريقة بشكل رئيسي على التكرار إذ أن تكرار الكلمة طوال اليوم يساعد الدماغ على الاحتفاظ بها بشكل أسهل ، و هذه الطريقة تساعد بشكل جيد للغاية في حفظ الأرقام ، وأيام الأسبوع ، وشهور السنة ، و ما إلى ذلك .
و لكن و مع كل تلك الطرق و الأساليب تبقى أفضل طريقة للتعلم هي الاستماع والتحدث مع السكان المحليين ، و تستطيع فعل ذلك من خلال تقوية العلاقات الاجتماعية مع السكان في الحانة المحلية الخاصة بك مثلاً ، أو في السوق ، أو عن طريق دعوة جيرانك الجدد من الأتراك لتناول العشاء معاً .